کد مطلب:239590 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:155

الموقف 10
موقفه (ع) فی صلاتی العید .. ففی احداهما :

« بعث المأمون له یسأله : أن یصلی بالناس صلاة العید ، و یخطب ، لتطمئن قلوب الناس ، و یعرفوا فضله ، و تقر قلوبهم علی هذه الدولة المباركة ؛ فبعث الیه الرضا (ع) ، و قال : قد علمت ما كان بینی و بینك من الشرط فی دخولی فی هذا الأمر ؛ فاعفنی من الصلاة بالناس . فقال المأمون : انما أرید بهذا أن یرسخ فی قلوب العامة ، و الجند ، و الشاكریة هذا الأمر ؛ فتطمئن قلوبهم ، و یقروا بما فضلك الله تعالی به ..

و لم یزل یراده الكلام فی ذلك . فلما ألح علیه قال : یا أمیرالمؤمنین ، ان أعفیتنی من ذلك ، فهو أحب الی ، و ان لم تعفنی خرجت كما كان یخرج رسول الله (ص) ، و كما خرج أمیرالمؤمنین علی بن أبی طالب (ع)

قال المأمون : أخرج كیف شئت ..

و أمر المأمون القواد، و الحجاب، و الناس: أن یبكروا الی باب أبی الحسن (ع) ؛ فقعد الناس لأبی الحسن فی الطرقات ، و السطوح : من الرجال ، و النساء ، و الصبیان ، و صار جمیع القواد ، و الجند الی بابه (ع) ، فوقفوا علی دوابهم حتی طلعت الشمس ..



[ صفحه 354]



فلما طلعت الشمس قام الرضا (ع) فاعتسل ، و تعمم بعمامة بیضاء من تظن و القی طرفا منها علی صدره ، و طرفا بین كتفیه ، و مس شیئا من الطیب ، و تشمر. ثم قال لجمیع موالیه : افعلوا مثل ما فعلت ..

ثم أخذ بیده عكازة ، و خرج ، و نحن بین یدیه ، و هو حاف قد شمر سراویله الی نصف الساق ، و علیه ثیاب مشمرة ..

فلما قام ، و مشینا بین یدیه ، رفع رأسه الی السماء ، و كبر أربع تكبیرات؛ فخیل الینا : أن الهواء و الحیطان تجاوبه . و القواد و الناس علی الباب ، قد تزینوا ، و لبسوا السلاح ، و تهیأوا بأحسن هیئة ..

فلما طلعنا علیهم بهذه الصورة : حفاة ، قد تشمرنا . و طلع الرضا و وقف وقفة علی الباب ، و قال : « .. الله اكبر ، ، الله اكبر علی ما هدانا ، الله اكبر علی ما رزقنا من بهیمة الانعام ، و الحمد لله علی ما أبلانا » . و رفع بذلك صوته ، و رفعنا أصواتنا ..

فتزعزعت مرو بالبكاء ، فقالها ، ثلاث مرات ؛ فلما رآه القواد و الجند علی تلك الصورة ، و سمعوا تكبیره سقطوا كلهم عن الدواب الی الأرض ، و رموا بخفافهم ، و كان أحسنهم حالا من كان معه سكین قطع بها شرابة جاجیلته و نزعها ، و تحفی .. و صارت مرو ضجة واحدة ، و لم یتمالك الناس من البكاء و الضجة.

فكان أبوالحسن یمشی ، و یقف فی كل عشر خطوات وقفة یكبر الله أربع مرات ؛ فیتخیل الینا : أن السماء ، و الأرض ، و الحیطان تجاوبه .

و بلغ المأمون ذلك ؛ فقال له الفضل بن سهل ذوالرئاستین : یا أمیرالمؤمنین : ان بلغ الرضا المصلی علی هذا السبیل افتتن به الناس ، و خفنا كلنا علی دمائنا ؛ فالرأی أن تسأله أن یرجع ..

فبعث المأمون الی الامام یقول له : انه قد كلفه شططا ، و أنه ما



[ صفحه 355]



كان یحب أن یتعبه . و یطلب منه : أن یصلی بالناس من كان یصلی بهم ..

فدها أبوالحسن بخفه؛ فلبسه ، و رجع ..

و اختلف أمر الناس فی ذلك الیوم ، و لم ینتظم فی صلاتهم الخ .. » [1] .

و لقد قال البحری یصف هذه الحادثة و الظاهر أنه یمین بن معاویة العائشی الشاعر علی ما فی تاج العروس :



ذكروا بطلعتك النبی ، فهللوا

لما طلعت من الصفوف و كبروا



حتی انتهیت الی المصلی لابسا

نور الهدی یبدو علیك فیظهر



و مشیت مشیة خاضع متواضع

لله ، لا یزهی ، و لا یتكبر



ولو ان مشتاقا تكلف غیر ما

فی وسعه لمشی الیك المنبر [2] .



و مما یلاحظ هنا: أنه فی هذه المرة أرسل الیه من یطلب منه أن یرجع . و لكننا فی مرة أخری نراه یسارع بنفسه ، و یصلی بالناس، رغم تظاهره بالمرض ..

و علی كل حال .. فاننا و ان كنا قد تحدثنا فی هذا الفصل ، و فی فصل : ظروف البیعة و سنتحدث فیما یأتی عن بعض ما یتعلق بهذه الحادثة ؛ الا أننا سوف نشیر هنا الی نقطتین فقط .. و هما :



[ صفحه 356]




[1] قد ذكرنا بعض مصادر هذه الرواية في فصل : ظروف البيعة .. فراجع.

[2] مناقب آل أبي طالب ، لابن شهرآشوب ج 4 ص 372 . و لكن هذا الشعر ينسب أيضا للبحتري في المتوكل عندما خرج لصلاة العيد .. و انتحال الشعر ، و كذلك الاستشهاد بشعر الآخرين في المواضع المناسبة ظاهرة شائعة في تلك الفترة و من يدري فلعل الشعر للبحتري و نسب للبحري أو لعله للبحري و انتحله أو نسب للبحتري . و لعل البحتري قد صحف و صار : البحري ... و لعل العكس.